السيدة آمنة (عليها السلام) والدة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)
النسب الشريف
هي السيّدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، والدة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، يجتمع نسبها مع عبد الله زوجها والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)في كلاب، حيث إنّ أحد ابنيه قصي جدّ عبد الله، والآخر زهرة جدّ آمنة.
اُمّها: برة بنت عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب.
فكانت آمنة (عليها السلام) من بنات أعمام عبد الله (عليه السلام) .
فهي قرشية كلابية من الأبوين.
وقد تزوجها عبد الله وهو ابن ثلاثين سنة أو خمس وعشرين سنة.
الأصلاب الطاهرة
من معتقدات الشيعة الإمامية في المعصومين (عليهم السلام)أنهم لم يتنقّلوا إلا من صلب طاهر إلى رحم مطهّر، وذلك من أبينا آدم (عليه السلام) وأمنا حواء (عليها السلام) حتّى قدموا إلى هذه الحياة الدنيا.
فلا يمكن أن يودع المعصوم والعياذ بالله في صلب غير طاهر أو ليس بموحّد، أو أنّه يبقى في رحم غير مطهّر، وهذا ما دلّت عليه الروايات الشريفة:
فعن معاذ بن جبل أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «إنّ الله عزّوجلّ خلقني وعلياً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام».
قلت :فأين كنتم يا رسول الله؟
قال: «قدّام العرش نسبّح الله تعالى ونحمده ونقدّسه ونمجّده».
قلت: على أي مثال؟
قال: «أشباح نور حتّى إذا أراد الله عزّوجلّ أن يخلق صورنا صيّرنا عمود نور، ثم قذفنا في صلب آدم، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات، ولا يصيبنا نجس الشرك ولا سفاح الكفر، يسعد بنا قوم ويشقى بنا آخرون، فلمّا صيّرنا إلى صلب عبد المطّلب أخرج ذلك النور فشقّه نصفين فجعل نصفه في عبد الله ونصفه في أبي طالب، ثمّ أخرج النصف الذي لي إلى آمنة والنصف إلى فاطمة بنت أسد، فأخرجتني آمنة وأخرجت فاطمة علياً، ثمّ أعاد عزّوجلّ العمود إليّ فخرجت منّي فاطمة، ثمّ أعاد عزّوجلّ العمود إلى علي فخرج منه الحسن والحسين يعني من النصفين جميعاً، فما كان من نور علي فصار في ولد الحسن، وما كان من نوري صار في ولد الحسين، فهو ينتقل في الأئمّة من ولده إلى يوم القيامة»(1).
وقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم (عليه السلام) بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا إلى صلب آدم(عليه السلام) ثم نقلنا من صلبه إلى أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات».
فقلنا: يا رسول الله، فأين كنتم وعلى أي مثال كنتم؟
قال: «أشباحاً من نور تحت العرش نسبّح الله تعالى ونقدّسه ونمجّده».
ثمّ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لمّا عُرج بي إلى السماء وعند سدرة المنتهى ودّعني جبرائيل(عليه السلام)، فقلت له: في هذا المكان تفارقني؟ فقال: إني لا أجوزه فتحرق أجنحتي».
ثمّ قال(صلى الله عليه وآله وسلم): «زجّ(2) بي في النور ما شاء الله، وأوحى الله تبارك وتعالى إليّ: يا محمّد إنّي اطّلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً، ثمّ أطلعت ثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيّك ووارثك ووارث علمك والإمام من بعدك، وأخرج من أصلابكما الذرّية الطاهرة والأئمّة المعصومين خزّان علمي، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار، يا محمّد أتحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم.
فنوديت يا محمّد ارفع رأسك.
فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمّد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمّد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن يتلألأ وجهه من بينهم نوراً كأنه كوكب درّي، فقلت: يا ربّ ومن هؤلاء ومن هذا؟
قال: يا محمّد هم الأئمّة من بعدك المطهّرون من صلبك وهذا الحجّة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ويشفي صدور قوم مؤمنين».
فقلنا: بآبائنا واُمّهاتنا يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لقد قلت عجباً.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «وأعجب من هذا أنّ قوماً يسمعون منّي هذا الكلام ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم، ما لهم، لا أنالهم الله شفاعتي»(3).
ونقرأ في زيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أشهد يا رسول الله أنك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة، والأرحام المطهرة، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها، ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها»(4).
وكذلك في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام)(5).
إلى غير ذلك من الروايات والزيارات الشريفة التي تنصّ على أنّ المعصومين(عليهم السلام)لا يودعون إلاّ في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهّرة، مضافاً إلى بعض الشواهد التاريخية المؤيّدة لذلك.
نور النبوة
نقل المؤرخون أنّه كانت هناك امرأة تدعى فاطمة بنت مرّة قد قرأت الكتب واطّلعت على ما فيها من الوقائع المهمّة، وفي أحد الأيام التقت بعبد الله والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقالت له: أنت الذي فداك أبوك بمائة من الإبل؟
قال: نعم.
فعرضت عليه نفسها ولو بالحرام مقابل أن تعطيه مائة من الإبل.
فتشاءم عبد الله منها وأنشأ يقول:
والحل لا حل فأستبينه ***أمّا الحرام فالممات دونه فكيف بالأمر الذي تبغينه
ثمّ إنّه ذهب مع أبيه فزوّجه آمنة بنت وهب، فبقي عندها يوماً وليلة، فحملت بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وبعد ذلك رأته فاطمة بنت مرّة فلم تعرض عليه رغبتها الاُولى، فتساءل منها عن سبب إعراضها بعد رغبتها؟
فأجابته: بأنّ ماذا صنعت بعد ذهابك عنّا؟
فأجابها عبد الله: تزوّجت آمنة بنت وهب.
وعندها قالت:
لله ما زهرية(6) سلبت
ثوبيك ما سلبت وما تدري ثمّ قالت: رأيت في وجهك نور النبوّة فأردت أن يكون فيّ، وأبى الله إلاّ أن يضعه حيث يحبّ، ثمّ قالت:
بني هاشم قد غادرت من أخيكم
أمينة إذ للباه يعتلجان كما غادر المصباح بعد خبوه
فتايل قد شبّت له بدخّان وما كل ما يحوي الفتى من نصيبه
بحرص ولا ما فاته بتواني(7)
مكانة الهاشميين
على الرغم من أنّه كانت لبني هاشم عند العرب منزلة رفيعة جعلت كافّة القبائل في مختلف الأمصار تطمح في مناسبتهم ومواصلتهم منهم، إلاّ أنّ مثل عبد الله والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)الذي كان في جبينه نور النبوّة وعلى سيماه آثار الصلاح وسمات الأولياء التي لم توجد إلاّ عند الأنبياء وأوصيائهم (عليهم السلام)كان محط أنظار كافّة الناس الذين عرفوه واطّلعوا على جلالته وعظم شأنه.
فقد نُقل في الحديث أنّ عبد الله(عليه السلام) لمّا تزوّج السيّدة آمنة(عليها السلام) ماتت العديد من النساء حسرة.
وكما في التاريخ أنّه لمّا شبّ عبد الله تطاولت إليه أعناق الخطّاب، وبذلوا في طلبه الكثير من الأموال رغبة في تحصيل نور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يكن في عهده أحد أجمل ولا أكمل منه، وكان إذا مرّ بالناس نهاراً يشمّون منه الروائح الطيّبة، وإذا مرّ بهم ليلاً أضاءت من أنواره الظلم، حتّى أنّ أهل مكّة سمّوه مصباح الحرم(8).
الملائكة تحرس عبدالله (عليه السلام)
بالإضافة إلى كل ما ذكرنا من الصفات الحميدة والخصال الحسنة التي جعلت الخطّاب يتنافسون من أجل الوصول إلى عبد الله (عليه السلام) إلاّ أنّ هناك حادثة خاصّة جعلت وهب بن عبد المناف يقدّم ابنته آمنة ويطلب بنفسه من عبد المطّلب أن يكون عبد الله صهراً له.
فقد نقل أنّ عبد الله لمّا ترعرع واشتدّ ساعده، ركب يوماً ليصيد، وقد نزل بالبطحاء(9) قوم من اليهود كانوا قد قدموا لقتل والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وإطفاء نور الله المودع في صلبه، فنظروا إليه فرأوا سمات الأنبياء (عليهم السلام)فيه فقصدوه وكانوا ثمانين نفراً حاملين السيوف، وكان والد السيّدة آمنة في نفس المنطقة يصيد وقد رأى اليهود قد احتوشوا عبدالله ليقتلوه، فأراد أن يدفعهم عنه وإذا بجمع من الملائكة معهم الأسلحة قد طردوهم عنه، فتعجّب من ذلك وجاء إلى عبد المطّلب وقال له: زوّج بنتي آمنة من عبد الله(10).
وهب يخطب عبد الله لابنته
في بعض التواريخ: إنّ اليهود لما عرفوا أنه سيخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من صلب عبد الله (عليه السلام) همّوا بقتل عبد الله(عليه السلام) فرآهم وهب بن عبد المناف في المعركة، فأتى الحرم المكّي وأخبر بني هاشم، فهبّوا مسرعين لإنقاذ عبد الله.
ولمّا رآهم اليهود أيقنوا بالهلاك وتظاهروا أنّهم لم يقصدوا أذيته إلاّ أنّه لم يقبل منهم وطاردهم مع بني هاشم وتشابكوا معهم وقتلوا منهم قسماً والبقية أخذوهم إلى مكّة اُسارى وذلك لرغبتهم في إيصال بعض الأمانات التي كانت معهم إلى مكّة.
ثم أقبل عبد المطّلب (عليه السلام) إلى ولده عبد الله (عليه السلام) وقال له: يا ولدي لولا وهب بن عبد مناف أخبرنا بأمرك ما علمنا بأمرك ولكن الله تعالى يحفظك.
فلمّا أشرفوا على مكّة المكرّمة خرج الناس يهنّئونهم بالسلامة وإذا باليهود مقيّدين فأخذوا يرشقونهم بالحجارة، فقام عبد المطّلب وقال: أرسلوا بهم إلى دار وهب حتّى يستقصوا على أموالهم ولم يبق لهم شيء، فأرسلوهم إلى دار وهب.
وفي نفس الليلة أقبل وهب على زوجته برّة بنت عبد العزّى وقال لها: لقد رأيت اليوم عجباً من عبد الله ما رأيته من أحد، رأيته وهو يكرّ على اليهود كالليث، وكلّما رماهم بنبلة قتل منهم إنساناً، وهو أجمل الناس وجهاً، فامضي إلى والده واخطبيه لآمنة واعرضيها عليه، فعسى أن يقبلها، فإن قبلها سعدنا سعادة عظيمة.
فقالت له: يا وهب إنّ رؤساء مكّة وأشراف العرب قد رغبوا فيه فأبى عن ذلك، فكيف يتزوّج بابنتنا وهي قليلة المال؟
فقال لها: إنّ لي عليهم فضل حيث إنّني أخبرتهم بأمر عبد الله مع اليهود.
ثمّ إنّ والدة السيّدة آمنة خرجت إلى دار عبد المطّلب(عليه السلام)، فرحّب بها كثيراً وقال لها: لقد كان لزوجك اليوم علينا فضل لا نقدر أن نكافيه أبداً، وله أياد بالغة بذلك وسنجازيه بما فعل إن شاء الله تعالى، فاذهبي إليه وأبلغيه عنّا التحية والإكرام وقولي له: إن كانت له إلينا حاجة تُقضى إن شاء الله مهما كانت.
فاسترّت برّة وقالت: قد علمنا أنّ ملوك الشام والعراق وغيرهم رغبوا في ولدكم يطلبون أنواركم المضيئة ونحن أيضاً طمعنا فيمن طمع في ولدكم عبد الله، وقد رجا وهب أن يكون عبد الله زوجاً لابنتنا، وقد جئناكم طامعين ونسألكم أن تقبلونا، فإن كان مالها قليلاً فعلينا ما نجمّلها به وهي هدية منّا لابنك عبد الله.
فلمّا سمع عبد المطّلب (عليه السلام) كلامها نظر إلى عبد الله وكان قبل ذلك إذا عرض عليه التزويج من بنات الملوك يظهر في وجهه الامتناع وقال له: ما تقول يا بني فيما سمعت؟ فو الله ما في بنات أهل مكّة مثلها، فهي المحتشمة في نفسها، الطاهرة المطهّرة.
فسكت عبد الله (عليه السلام) ولم يجب.
فعلم عبد المطّلب (عليه السلام) أنّه قد مال إليها، فقال: قد قبلنا دعوتكم ورضينا بابنتكم.
وحينذاك قالت فاطمة زوجة عبد المطّلب: أنا أمضي معك إليها لأنظر إلى آمنة، فإن كانت تصلح لولدي رضينا بها.
فرجعت برّة مسرورة بما سمعت، وقد سمعت هاتفاً في الطريق يقول: بخٍ بخٍ لكم، قد قرب خروج المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم).
فدخلت على زوجها، فقال: وما وراءك؟
فأخبرته الخبر وقالت له: اعلم أنّ عبد المطّلب قد رضي بابنتك، إلاّ أنّ فاطمة والدته تريد أن تنظر إلى ابنتك آمنة، فإن رضيت بها وإلاّ لم يكن شيئاً، وإنّي أخاف أن لا ترضى بها.
فقال لها وهب: اُخرجي فوراً إلى ابنتك وزيّنيها، فعسى أن ترغب فاطمة فيها؟!
فعمدت برّة إلى بنتها وألبستها أفخر ما عندها من الثياب وقالت لها: يا بنية إذا أتتك فاطمة فتأدّبي معها بأحسن الأدب.
وبينما هما على ذلك إذ أقبلت فاطمة وخرج وهب من المنزل وإذا بعبد المطّلب (عليه السلام)، فأدخلوا فاطمة، فقامت لها السيّدة آمنة إجلالاً وتعظيماً ورحّبت بها أحسن الترحيب.
فنظرت إليها فاطمة فأعجبت بها جدّاً وقالت لوالدتها: يا برّة ما كنت عهدت أنّ آمنة على هذه الصورة؟ علماً أنّني كنت قد رأيتها قبل ذلك مراراً وكراراً.
فقالت برّة: يا فاطمة كل ذلك ببركتكم علينا.
فقامت فاطمة وأتت إلى عبد المطّلب وعبد الله (عليهما السلام) وقالت: يا ولدي ما في بنات العرب مثلها أبداً، ولقد ارتضيتها، وإنّ الله تعالى لا يودع هذا النور إلاّ في مثل هذه(11).
الزواج الميمون
نقل العلاّمة المجلسي (رحمه الله) في (بحار الأنوار): أنّه لمّا حضرت ساعة عقد عبد الله (عليه السلام) من آمنة (عليها السلام) قام عقيل بن أبي وقّاص وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي جعلنا من نسل إبراهيم، ومن شجرة إسماعيل، ومن غصن نزار، ومن ثمرة عبد مناف، ثمّ أثنى على الله تعالى ثناء بليغاً وقال فيه جميلاً وعقد النكاح، ونظر إلى وهب وقال: يا أبا الوادح زوّجت كريمتك آمنة من ابن سيّدنا عبد المطّلب على صداق أربعة آلاف درهم بيض هجرية جياد وخمسمائة مثقال ذهب أحمر.
فقال: نعم.
ثمّ التفت إلى والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: يا عبد الله قبلت هذا الصداق يا أيّها السيّد الخاطب؟
قال: نعم، وعندها دعا لهما بالخير والكرامة.
وأمر وهب أن تقدّم المائدة، فقدّمت مائدة خضرة فوضع الطعام وأكل الناس وشربوا، ونثر عبد المطّلب (عليه السلام) على ولده قيمة ألف درهم من النثار وكان متّخذاً من مسك ومن عنبر ومن سكّر ومن كافور، ونثر وهب كذلك بقيمة ألف درهم عنبراً وفرح الناس بذلك فرحاً شديداً(12).
ليلة الزفاف
عندما فرغ الناس من مراسم القران نظر عبد المطّلب (عليه السلام) إلى والد السيّدة آمنة وطلب منه أن تزفّ آمنة إلى عبد الله(عليه السلام)، فاستغرب وقال: بهذه السرعة؟
فأعرب عبد المطّلب (عليه السلام) عن شديد رغبته في رؤية زواج ابنه قبل وفاته.
فما كان من وهب إلاّ أن دخل على زوجته برّة وقال لها: اعلمي أنّ عبد المطّلب (عليه السلام) راغب أن يجمع بين ولده عبد الله وزوجته آمنة.
فقامت المرأة من وقتها مع بعض النساء وأعددن السيّدة آمنة، وما أن غربت الشمس حتّى زفّت إلى بيت عبد الله. وفي نفس تلك الليلة جاء وهب وقال لعبد المطّلب: أقدم على العروس.
فقام عبد المطّلب (عليه السلام) إلى العروس وقبّل ما بين عينيها وقال لولده عبد الله: اجلس يا ولدي معها وافرح برؤيتها.
فقعد عبد الله (عليه السلام) إلى جنب العروس وفرح عبد المطّلب (عليه السلام)، وكان من عبد الله إلى أهله ما يكون من الرجال إلى النساء(13).
من مؤامرات اليهود
وعندما جرى الكلام بين وهب وعبد المطّلب في أمر السيّدة آمنة (عليها السلام)، قال وهب: يا أبا الحارث هي هدية منّي إليك بغير صداق معجّل ولا مؤجّل.
إلاّ أنّ عبد المطّلب (عليه السلام) رفض وقال: جزيت خيراً يا وهب ولابدّ من صداق ويكون بيننا وبينك من يشهد به من قومنا.
ثمّ إنّ عبد المطّلب أراد أن يقدّم إليه شيئاً من المال ليصلح به شأنها وإذا به يسمع همهمة وأصواتاً، فتحرّى هو ووهب عن الخبر، وإذا باليهود الذين كانوا محبوسين في دار وهب قد تآمروا لقتل عبد المطّلب وعبد الله، فساروا إلى دار وهب فكانوا يرون عبد الله ووالده ووهب وهم لا يرونهم، فرموهم بالحجارة فردّها الله عزّوجلّ عليهم.
ثمّ إنّ عبد المطّلب خرج مع عبد الله وفاطمة إلى منزلهم، وقالوا: يا وهب إذا كان في الغد جمعنا قومنا وقومك ليشهدوا بما يكون من الصداق.
فقال: جزاك الله خيراً فلمّا طلع الفجر أرسل عبد المطّلب إلى بني عمّه ليحضروا خطبتهم، وجمع وهب أيضاً قرابته وبني عمّه، فاجتمعوا في الأبطح.
فلمّا أشرف عليهم الناس قاموا إجلالاً لعبد المطّلب وأولاده، ثمّ إنّه لمّا استقرّ بهم المجلس خطبوا خطبتهم وعقدوا عقد النكاح وقام عبد المطّلب فيهم خطيباً، فقال:
الحمد لله حمد الشاكرين، حمداً استوجبه بما أنعم علينا وأعطانا وجعلنا لبيته جيراناً ولحرمه سكّاناً وألقى محبّتنا في قلوب عباده وشرّفنا على جميع الاُمم ووقانا شرّ الآفات والنقم، والحمد لله الذي أحلّ لنا النكاح وحرّم علينا السفاح وأمرنا بالاتّصال وحرّم علينا الحرام، اعلموا أنّ ولدنا عبد الله هذا الذي تعرفونه قد خطب فتاتكم آمنة بصداق معجّل ومؤجّل كذا وكذا، فهل رضيتم بذلك من ولدنا؟
قال وهب: قد رضينا منكم.
فقال عبد المطّلب: اشهدوا يا من حضر.
ثمّ تصافحوا وتهانوا وتصافقوا وتعانقوا وأولم عبد المطّلب وليمة عظيمة فيها جميع أهل مكّة وأوديتها وشعابها وسوادها، فأقام الناس في مكّة أربعة أيّام(14).
محاولة اغتيال السيّدة آمنة
بعد أن قدمت زرقاء اليمامة(15) من الشام إلى مكّة المكرّمة واطّلعت على النور العظيم الذي يحمله والد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وكيف إنّه انتقل إلى السيّدة آمنة(عليها السلام) عمدت إلى تدبير مخطّط تتخلّص من خلاله من آمنة (عليها السلام) وتطفأ النور الإلهي المودع في أحشائها.
وبالفعل، فقد أخذت تلك المرأة تفكّر في الحيلة التي تتخلّص من خلالها من السيّدة فانتهى فكرها إلى ما يلي:
أن تجهّز من الماشطات حتّى يقتلنها، فعثرت على امرأة من الخزرج اسمها «تكنا» وكانت ماشطة للسيّدة آمنة، فلمّا كان في بعض الليالي استيقظت «تكنا» فرأت عند رأس الزرقاء شخصاً يحدّثها ويقول:
ويلك يا زرقاء! لقد نزل بنا أمر عظيم، كنّا نصعد إلى السماء السابعة ونسترق السمع، وفي هذه الأيام الأخيرة طردنا من السماء وسمعنا منادياً ينادي في السماوات: أنّ الله قد أراد أن يظهر المكسّر للأصنام ومظهر عبادة الرحمن فامتنعوا جملة الشياطين من السماء ورمتنا الملائكة بشهب من نار، وقد جئتك لاُحذّرك.
فلمّا سمعت زرقاء كلامه قالت له: انصرف عنّي، فلابدّ أن أجتهد في قتل هذا المولود.
ثمّ إنّه فارقها و«تكنا» تسمع ما جرى بينهما، فأتت إلى الزرقاء وقالت لها: ما لي أراك مغمومة؟
قالت لها: يا ويلك إنّ همّي وحزني من حامل مولود يدعو إلى تكسير الأصنام ويذلّ السحرة والكهّان، فلو وجدت من يساعدني على قتل آمنة بذلت له الجزيل من الأموال والهدايا، وعمدت إلى كيس كان معها فأفرغته بين يدي «تكنا» وكان مالاً جزيلاً.
فلمّا نظرت «تكنا» إلى المال أغراها وراقها بريقها، وقالت لها: يا زرقاء لقد ذكرت أمراً عظيماً إلاّ أنّني سأفكّر لك فيما ذكرت، ولكن كيف أجسر على ما وصفت والوصول إلى ما ذكرت؟
فقالت الزرقاء: إذا دخلت عليها وجلست عندها فاقبضي على ذوائبها(16) واضربيها بهذا الخنجر فإنّه مسموم، وإذا وقعت عليك التهمة أو وجبت عليك دية فأنا أقوم بخلاصك وأدفع عنك فما أنت قائلة؟
قالت: إنّي أجبتك لكن اُريد منك الحيلة بأن تشغلي بني هاشم عنّي.
فقالت الزرقاء: لا عليك أنا أشغلهم عنك.
ثمّ إنّ الزرقاء أعطت «تكنا» الخنجر المسموم وقالت لها: قومي إلى حاجتك، فقامت ودخلت على السيّدة آمنة (عليها السلام) فرحّبت بها وسألتها عن أحوالها وقالت: يا «تكنا» لقد انقطعت عنّا؟
فقالت: اشتغلت بهمّي وحزني، ولولا فضلكم علينا لكنّا بأقبح حال ولا أحد أعزّ عليّ منك، هلمّي يا بنيّة إليّ حتّى اُزيّنك.
فجاءت السيّدة آمنة (عليها السلام) وجلست بين يديها، فلمّا فرغت من تسريح شعرها عمدت إلى الخنجر وأرادت أن تضربها به فحسّت كأنّ أحداً قبض على قلبها فغشي على بصرها فسقط الخنجر من يدها إلى الأرض، فصاحت وا حزناه.
فالتفتت السيّدة آمنة (عليها السلام) إليها وإذا الخنجر قد سقط من يدها، فصاحت السيّدة آمنة، فتبادرت النسوان إليها وقلن لها: ما دهاك؟
قالت: أما ترين ما جرى عليّ من «تكنا»؟ لقد كادت أن تقتلني بهذا الخنجر المسموم.
فقلن: يا «تكنا» ما أصابك، ويلك تريدين أن تقتلي آمنة؟
فقالت: نعم، لقد أردت قتلها.
فقالت لها النساء: يا «تكنا» ما حملك على ذلك؟
قالت: لا تلوموني حملني طمع الدنيا والغرور، ثمّ أخبرتهنّ بالقصة وقالت لهنّ: ويحكنّ دونكنّ الزرقاء اقتلنها قبل أن تفوتكنّ(17).
نور وجه عبد الله (عليه السلام)
روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال: ولد لأبي، عبد المطلب عبد الله فرأينا في وجهه نوراً يزهر كنور الشمس، فقال أبي: إن لهذا الغلام شأناً عظيماً.
قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طائر أبيض فطار فبلغ المشرق والمغرب، ثم رجع راجعاً حتى سقط على بيت الكعبة، فسجدت له قريش كلها، فبينما الناس يتأملونه إذ صار نوراً بين السماوات والأرض وامتد حتى بلغ المشرق والمغرب.
فلما انتبهت سألت كاهنة بني مخزوم، فقالت: يا عباس لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعاً له.
قال أبي أي العباس : فهمّني أمر عبد الله إلى أن تزوج بآمنة وكانت من أجمل نساء قريش وأتمها خلقاً، فلما مات عبد الله وولدت آمنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أتيته فرأيت النور بين عينيه يزهر… الحديث(18).
فترة الحمل
إنّ مرحلة حمل السيّدة آمنة (عليها السلام) بالنبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)كانت مليئة بالخيرات والبركات وما يؤكد على قداسة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) ومدى علوّ مقامه عند الله تعالى وارتفاع شأنه العالي لديه.
فقد نقل العلاّمة المجلسي(قدس سره) قائلاً:
لمّا مرّ على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في بطن اُمّه شهران أمر الباري تعالى منادياً في السماوات والأرضين، أن ناد في السماوات والأرض والملائكة: أن استغفروا لمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)واُمّته، كل هذا ببركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ولمّا أتى على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في بطن اُمّه ثلاثة أشهر كان أبو قحافة راجعاً من الشام، فلمّا بلغ مشارف مكّة وضعت ناقته جمجمتها على الأرض ساجدة وكان بيده قضيب فضربها، فلم ترفع رأسها، فقال أبو قحافة: فما أرى ناقة تركت صاحبها، وإذا بهاتف يقول: لا تضرب يا أبا قحافة من لا يطيعك ألا ترى أنّ الجبال والبحار والأشجار سوى الآدميين سجدوا لله !.
فقال أبو قحافة: يا هاتف وما السبب في ذلك؟
قال: سترى يا أبا قحافة إن شاء الله تعالى.
يقول أبو قحافة: فوقفت ساعة حتّى رفعت الناقة رأسها وجئت إلى عبد المطّلب فأخبرته.
ولمّا أتى على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أربعة أشهر كان زاهد على الطريق من الطائف وكان له صومعة(19) بمكّة على مرحلة قال: فخرج الزاهد وكان اسمه حبيباً فجاء إلى بعض أصدقائه بمكّة، فلمّا بلغ أرض الموقف إذا بصبي قد وضع جبينه على الأرض وقد سجد على جمجمته، فدنا حبيب منه وأخذه وإذا بهاتف يهتف ويقول: خلّ عنه يا حبيب ألا ترى إلى الخلائق من البر والبحر والسهل والجبل قد سجدوا لله شكراً(20).
البشرى بمولد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)
كثيرة كانت البشارات التي بشّرت بنبي آخر الزمان(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي سينقذ الاُمّة من ظلمات الجاهلية الاُولى ويدخلها في عزّ الوحدانية والتوحيد.
فمن قبل أن تنعقد نطفة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)كان الأنبياء والصلحاء (عليهم السلام)بل وحتّى المنجّمين وغيرهم ممّن يعتقد بهم بعض الناس يخبرون عن قرب ظهور نبي آخر الزمان ويشيدون بفضائله ومكانته الرفيعة عند الله تبارك وتعالى.
وربما لا نبالغ إذا ما ذهبنا بالقول إنّ استعراض مثل هذه المبشّرات يحتاج إلى مجلّد ضخم إلاّ أنّ الذي يهمّنا في بحثنا هذا هو البشارات المرتبطة باُمّهات المعصومين (عليهم السلام).
فعن أبي عبد الله(عليه السلام) قال: كان حيث طلقت آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب، فلم تزل معها حتّى وضعت، فقالت إحداهما للاُخرى: هل ترين ما أرى؟
فقالت: وما ترين؟
قالت: هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب.
فبينما هما كذلك إذ دخل عليهما أبو طالب(عليه السلام)، فقال لهما: ما لكما من أي شيء تعجبان؟
فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت.
فقال لها أبو طالب: ألا اُبشّرك؟
فقالت: بلى.
فقال: أما إنّك ستلدين غلاماً يكون وصي هذا المولود(21).
الميلاد المبارك
ومن الاُمور المهمّة التي دوّنها المؤرخون في سيرة السيّدة آمنة (سلام الله عليها) هي لحظات ولادتها المباركة للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)التي لم يشهد التاريخ مثلها قطّ.
فقد رافقت تلك الولادة الميمونه أحداث ووقائع مهمّة تدلّ على عظمة ذلك المولود المبارك الذي أطلّ على الوجود، فملأ العالمين ضياءً وغطّى الكون الواسع بركة وجلالة.
لقد شاءت إرادة السماء أن تهدي للبشرية هديتها العظمى التي لم ولن يُعرف قدرها إلى قيام يوم الدين، فها هو سيّد المرسلين محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي طالما بشّرت به الرسالات السابقة وأكّدت على جلالة قدره وعظمة شأنه الرفيع يطرق الأبواب ليجلب معه أنوار الهداية إلى البشرية جمعاء.
فما أعظم تلك اللحظات؟!
وما أقدس جلالة قدرها؟!
فقد روي أنّ السيّدة فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين(عليه السلام) كانت حاضرة في الليلة التي ولدت فيها السيّدة آمنة بنت وهب اُمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ورأت مثل الذي رأته، فلمّا كان الصبح انصرف أبو طالب (عليه السلام) من الطواف فاستقبلته، ثم قالت له: لقد رأيت الليلة عجباً.
قال لها: ما رأيت؟
قالت: ولدت آمنة بنت وهب مولوداً أضاءت له الدنيا بين السماء والأرض نوراً حتّى مددت عيني فرأيت سعفات(22) هجر(23).
فقال لها أبو طالب(عليه السلام): انتظري سبتاً تأتين بمثله، فولدت أمير المؤمنين(عليه السلام) بعد ثلاثين سنة، وهكذا روي أنّ السبت ثلاثون سنة(24).
وقد روي عن السيّدة آمنة (سلام الله عليها) إنّها قالت: لمّا اقتربت ولادة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي فذهب الرعب عنّي واُوتيت بشربة بيضاء وكنت عطشى فشربتها فأصابني نور عال.
ثمّ رأيت نسوة كالنخل طولاً تحدّثني، وسمعت كلاماً لا يشبه كلام الآدميين حتّى رأيت كالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء والأرض وقائل يقول: خذوه من أعزّ الناس.
ورأيت رجالاً وقوفاً في الهواء بأيديهم أباريق.
ورأيت مشارق الأرض ومغاربها.
ورأيت عَلَماً من سندس على قضيب من ياقوتة قد ضرب بين السماء والأرض في ظهر الكعبة فخرج رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)رافعاً إصبعه إلى السماء.
ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتّى غشيته، فسمعت نداءً: طوفوا لمحمّد شرق الأرض وغربها والبحار لتعرفوه باسمه ونعته وصورته، ثمّ انجلت عنه الغمامة فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاثة مفاتيح من اللؤلؤ الرطب، وقائل يقول: قبض محمّد على مفاتيح النصرة والريح والنبوّة.
ثمّ أقبلت سحابة اُخرى فغيّبته عن وجهي أطول من المرّة الاُولى، وسمعت نداءً: طوفوا بمحمّد الشرق والغرب واعرضوه على روحاني الجنّ والإنس والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ورقّة نوح وخلّة إبراهيم ولسان إسماعيل وكمال يوسف وبشرى يعقوب وصوت داود وزهد يحيى وكرم عيسى (عليهم السلام).
ثمّ انكشف عنه فإذا أنا به وبيده حريرة بيضاء قد طويت طيّاً شديداً وقد قبض عليها وقائل يقول: قد قبض محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)على الدنيا كلّها فلم يبق شيء إلاّ دخل في قبضته.
ثمّ إنّ ثلاثة نفر كأنّ الشمس تطلع من وجوههم، في يد أحدهم إبريق فضّة ونافجة(25) مسك، وفي يد الثاني طست من زمردة خضراء لها أربع جوانب من كل جانب لؤلؤة بيضاء وقائل يقول: هذه الدنيا فاقبض عليها يا حبيب الله، فقبض على وسطها، وقائل يقول: قبض الكعبة، وفي يد الثالث حريرة بيضاء مطوية فنشرها فأخرج منها خاتماً تحار أبصار الناظرين فيه، فغسّل بذلك الماء من الإبريق سبع مرّات ثمّ ضرب الخاتم على كتفيه وتفل في فيه فاستنطقه فنطق، فلم أفهم ما قال إلاّ أنّه قال: في أمان الله وحفظه وكلاءته قد حشوت قلبك إيماناً وعلماً ويقيناً وعقلاً وشجاعة، أنت خير البشر، طوبى لمن اتّبعك وويل لمن تخلّف عنك، ثمّ أدخل بين أجنحتهم ساعة وكان الفاعل به هذا رضوان، ثمّ انصرف وجعل يلتفت إليه ويقول: أبشر يا عزّ الدنيا والآخرة، ورأيت نوراً يسطع من رأسه حتّى بلغ السماء ورأيت قصور الشامات كأنّها شعلة نار نوراً، ورأيت حولي من القطا(26) أمراً عظيماً قد نشرت أجنحتها(27).
البشارة العظمى
على الرغم من أنّ ولادة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) رافقها العديد من المبشّرات من الأحداث المهمّة التي تدلّ على عظمته(صلى الله عليه وآله وسلم)إلاّ أنّ هناك بشارة عظيمة تفوقها جميعها، ألا وهي البشارة بقدوم مكمّل الرسالة وهادي الناس من الضلالة وصي المصطفى المختار ووالد الأئمّة الأطهار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام).
فعن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «لمّا ولد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فتح لآمنة بياض فارس وقصور الشام، فجاءت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين إلى أبي طالب ضاحكة مستبشرة فأعلمته ما قالته آمنة، فقال لها أبو طالب: وتتعجّبين من هذا إنّك تحبلين وتلدين بوصيّه ووزيره»(28).
إرهاصات الولادة
من المسلّمات المشهورة أن لدى ولادة معظم الأنبياء والأوصياء الصالحين(عليهم السلام)وكذا في أيّام حملهم تظهر إرهاصات وعلامات مهمّة تدلّ على عظمة شأن المولود ومدى قداسته عند الله تبارك وتعالى.
وقد أحيطت ولادة الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)بالكثير من الأحداث المهمّة المشيرة إلى علوّ مكانته العظيمة عند الباري عزّوجلّ.
ونحن نشير إلى بعض تلك الأحداث والإرهاصات حيث قد نقلتها والدة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)السيّدة آمنة (عليها السلام) فقالت:
نظرت إلى وجه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فإذا هو مكتحل العينين، منقّط الجبين والذقن، وقد أشرق من وجنتي النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)نور ساطع في ظلمة الليل ومرّ في سقف البيت وشقّ السقف.
ورأت آمنة (عليها السلام) من نور وجهه كل منظر حسن وقصر بالحرم، وسقط في تلك الليلة أربعة وعشرون شرفاً من إيوان كسرى، وأخمدت في تلك الليلة نيران فارس، وأبرق في تلك الليلة برق ساطع في كل بيت وغرفة في الدنيا ممّن قد علم الله تعالى وسبق في علمه أنّهم يؤمنون بالله ورسوله محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يسطع في بقاع الكفر بأمر الله تعالى، وما بقي في مشارق الأرض ومغاربها صنم ولا وثن إلاّ وخرّت على وجوهها ساقطة على جباهها خاشعة، وذلك كلّه إجلالاً للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)(29).
وفي حديث آخر نقل عن السيّدة آمنة (عليها السلام) أنّها قالت: لمّا حملت برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، ورأيت في نومي كأنّ آتياً أتاني وقال لي: قد حملت بخير الأنام.
فلمّا حان وقت الولادة خفّ ذلك عليّ حتّى وضعته(صلى الله عليه وآله وسلم)وهو يتّقي الأرض بيديه وسمعت قائلاً يقول: وضعت خير البشر فعوّذيه بالواحد الصمد من شرّ كل باغٍ وحاسد، فولدت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)عام الفيل لاثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأوّل يوم الإثنين.
أقول: هذا على رواية، وهو يؤيّد القائلين بأنّ ميلاد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)كان في الثاني عشر من شهر ربيع الأول، إلاّ أن المشهور بين الإمامية هو السابع عشر من شهر ربيع الأول كما ذكرناه في كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم)(30).
فقالت السيّدة آمنة (عليها السلام): لمّا سقط إلى الأرض اتّقى الأرض بيديه وركبتيه ورفع رأسه إلى السماء، وخرج منّي نور أضاء ما بين السماء والأرض، ورميت الشياطين بالنجوم وحجبوا عن السماء.
ورأت قريش الشهب والنجوم تسير في السماء ففزعوا لذلك وقالوا: هذا قيام الساعة، واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك وكان شيخاً كبيراً مجرّباً، فقال: انظروا إلى هذه النجوم التي يهتدي بها في البر والبحر، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة، وإن كانت هذه ثابتة فهو لأمر قد حدث.
وأبصرت الشياطين ذلك فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه بأنّهم قد منعوا من السماء ورموا بالشهب، فقال: اطلبوا فإنّ أمراً قد حدث.
فجالوا في الدنيا ورجعوا، فقالوا: لم نر شيئاً.
فقال: أنا لهذا، فخرق ما بين المشرق والمغرب فانتهى إلى الحرم، فوجد الحرم محفوفاً بالملائكة، فلمّا أراد أن يدخل صاح به جبرئيل، فقال: اخسأ يا ملعون.
فجاء من قبل فصار مثل الصرّ(31) قال: يا جبرئيل ما هذا؟
قال: هذا نبي قد ولد وهو خير الأنبياء.
قال: هل لي فيه نصيب؟
قال: لا.
قال: ففي اُمّته؟
قال: نعم.
قال: قد رضيت(32).
المشركون يقرون بالإرهاصات
إنّ الأحداث العظيمة التي حصلت عند ولادة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)لم يقرّ بها الموحّدون فحسب، بل حتّى المشركين على عنادهم وإلحادهم أقرّوا بها وشهدوا للرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم) بطيب الولادة وعظم الشأن لدى الله تعالى.
ورد عن عمرو بن اُميّة وكان من أزجر أهل الجاهلية أنّه قال: انظروا هذه النجوم التي يهتدى بها ويعرف بها أزمان الشتاء والصيف فإن كان رمي بها فهو هلاك كل شيء، وإن كانت ثبتت ورمي بغيرها فهو أمر حدث، وأصبحت الأصنام كلّها صبيحة مولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ليس منها صنم إلاّ وهو منكبّ على وجهه، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة(33)، وغاضت بحيرة ساوه، وفاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى الموبذان(34) في تلك الليلة في المنام إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز ثم استطار حتّى بلغ المشرق، ولم يبق سرير لملك من ملوك الدنيا إلاّ أصبح منكوساً، والملك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبق كاهنة في العرب إلاّ حجبت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب وسمّوا آل الله عزوجل. قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «إنّما سمّوا آل الله لأنّهم في بيت الله الحرام»(35).
العباس يخبر عن المولد الشريف
وقد روى العباس بن عبد المطّلب(عليه السلام) عم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عن لسان السيّدة آمنة(عليها السلام) عظمة تلك الأحداث التي صاحبت ميلاد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال:
«لمّا مات عبد الله وولدت آمنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أتيته فرأيت النور بين عينيه يزهر، فحملته وتفرّست في وجهه فوجدت منه ريح المسك، وصرت كأنّي قطعة مسك من شدّة ريحي، فحدّثتني آمنة وقالت لي: إنّه لمّا أخذني الطلق واشتدّ بي الأمر سمعت جلبة(36) وكلاماً لا يشبه كلام الآدميين، ورأيت علماً من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والأرض، ورأيت نوراً يسطع من رأسه حتّى بلغ السماء، ورأيت قصور الشامات كأنّها شعلة نار نوراً، ورأيت حولي من القطاة أمراً عظيماً قد نشرت أجنحتها حولي، ورأيت شعيرة الأسدية قد مرّت وهي تقول: آمنة ما لقيت الكهّان والأصنام من ولدك، ورأيت رجلاً شاباً من أتمّ الناس طولاً وأشدّهم بياضاً وأحسنهم ثياباً ما ظننته إلاّ عبد المطّلب قد دنا منّي فأخذ المولود فتفل في فيه واستنطقه، فنطق فلم أفهم ما قال إلاّ أنّه قال: في أمان الله أنت خير البشر، طوبى لمن اتّبعك، وويل لمن تخلّف عنك، وأخرج صرّة اُخرى من حريرة بيضاء ففتحها فإذا فيها خاتم فضرب على كتفيه ثمّ قال: أمرني ربّي أن أنفخ فيك من روح القدس، فنفخ فيه وألبسه قميصاً وقال: هذا أمانك من آفات الدنيا فهذا ما رأيت يا عباس بعيني.
قال العباس: وأنا يومئذ أقرأ فكشفت عن ثوبه فإذا خاتم النبوّة بين كتفيه فلم أزل أكتم شأنه وأنسيت الحديث فلم أذكره إلى يوم إسلامي حتّى ذكّرني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)»(37).
في مجلس معاوية
على الرغم من أنّ معاوية بن أبي سفيان كان يكنّ الحقد والعداء للرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وعترته الطاهرة (عليهم السلام)إلاّ أنّه أكثر من مرّة اضطر لكي يسمح للآخرين بأن يذكروا فضائلهم (عليهم السلام)وذلك من أجل كسب السمعة وتغطية بغضه لهم (عليهم السلام)ولو في بعض الأحيان.
والواقعة التالية هي من مصاديق ذلك:
يقول ليث بن سعد، قلت لكعب وهو عند معاوية: كيف تجدون صفة مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟
وهل تجدون لعترته فضلاً؟
فالتفت كعب إلى معاوية لينظر كيف هواه، فأجرى الله عزوجل على لسانه، فقال: هات يا أبا إسحاق رحمك الله ما عندك.
فقال كعب: إنّي قد قرأت اثنين وسبعين كتاباً كلّها اُنزلت من السماء، وقرأت صحف دانيال كلّها ووجدت في كلّها ذكر مولده(صلى الله عليه وآله وسلم) ومولد عترته وإنّ اسمه لمعروف وإنّه لم يولد نبي قط فنزلت عليه الملائكة ما خلا عيسى وأحمد (صلّى الله عليهما)، وما ضرب على آدمية حجب الجنّة غير مريم وآمنة اُمّ أحمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وما وكّلت الملائكة باُنثى حملت غير مريم اُمّ المسيح (عليها السلام) وآمنة اُم أحمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان من علامة حمله أنّه لمّا كانت الليلة التي حملت آمنة به(صلى الله عليه وآله وسلم) نادى مناد في السماوات السبع: أبشروا فقد حمل الليلة بأحمد، وفي الأرضين كذلك حتّى في البحور، وما بقي يومئذ في الأرض دابة تدب ولا طائر يطير إلاّ علم بمولده، ولقد بني في الجنّة ليلة مولده سبعون ألف قصر من ياقوت أحمر وسبعون ألف قصر من لؤلؤ رطب، فقيل: هذه قصور الولادة، ونجدت(38) الجنان وقيل لها: اهتزّي وتزيّني فإنّ نبي أوليائك قد ولد، فضحكت الجنّة يومئذ، فهي ضاحكة إلى يوم القيامة، وبلغني أنّ حوتاً من حيتان البحر يقال له: طموساً وهو سيّد الحيتان له سبعمائة ألف ذنب يمشي على ظهره سبعمائة ألف ثور الواحد منها أكبر من الدنيا لكل ثور سبعمائة ألف قرن من زمرد أخضر لايشعر بهنّ اضطرب فرحاً بمولده، ولولا أنّ الله تبارك وتعالى ثبّته لجعل عاليها سافلها، ولقد بلغني أنّ يومئذ ما بقي جبل إلاّ نادى صاحبه بالبشارة ويقول: لا إله إلاّ الله، ولقد خضعت الجبال كلّها لأبي قبيس كرامةً لمولده(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد قدّست الأشجار أربعين يوماً بأنواع أفنانها وثمارها فرحاً بمولده(صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد ضرب بين السماء والأرض سبعون عموداً من أنواع الأنوار لا يشبه كل واحد صاحبه، وقد بشّر آدم (عليه السلام) بمولده فزيد في حسنه سبعين ضعفاً، وكان قد وجد مرارة الموت وكان قد مسّه ذلك فسري عنه ذلك، ولقد بلغني أنّ الكوثر اضطرب في الجنّة واهتزّ فرمى بسبعمائة ألف قصر من قصور الدرّ والياقوت نثاراً لمولد محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولقد زمّ(39) إبليس وكُبّل(40) واُلقي في الحصن أربعين يوماً وغرق عرشه أربعين يوماً، ولقد تنكّست الأصنام كلّها وصاحت وولولت، ولقد سمعوا صوتاً من الكعبة يا آل قريش لقد جاءكم البشير، جاءكم النذير، معه العزّ الأبد والربح الأكبر وهو خاتم الأنبياء، ونجد في الكتب أنّ عترته خير الناس بعده وأنّه لا يزال الناس في أمان من العذاب ما دام من عترته في دار الدنيا خلق يمشي.
فقال معاوية: يا أبا إسحاق ومَن عترته؟
قال كعب: ولد فاطمة(عليها السلام).
فعبس وجهه وعضّ على شفتيه وأخذ يعبث بلحيته.
فقال كعب: وإنّا نجد صفة الفرخين المستشهدين، وهما فرخا فاطمة(عليها السلام) يقتلهما شرّ البرية.
قال: فمن يقتلهما؟
قال: رجل من قريش.
فقام معاوية وقال: قوموا إن شئتم، فقمنا(41).
حال الأبالسة
إنّ من العلامات الحتميّة التي أكّدها الأئمّة الأطهار(عليهم السلام)في مختلف أحاديثهم والتي تدلّ على قداسة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وعظمة مولده المبارك هو أنّ الأبالسة بعد أن كانت تخترق السماوات السبع حبست فور ميلاده(صلى الله عليه وآله وسلم)عن ذلك، ومنعت من التجسّس واستراق السمع.
بل إنّ الأبالسة اضطربت يوم ميلاد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) وراعها هول الأحداث العظيمة التي حدثت إثر ولادته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «صاح إبليس لعنه الله في أبالسته فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما الذي أفزعك ياسيدنا؟
فقال لهم: ويلكم لقد أنكرت السماء والأرض منذ الليلة، لقد حدث في الأرض حدث عظيم ما حدث مثله منذ رفع عيسى ابن مريم (عليهما السلام)، فاخرجوا وانظروا ما هذا الحدث الذي قد حدث؟
فافترقوا ثمّ اجتمعوا إليه، فقالوا: ما وجدنا شيئاً.
فقال إبليس لعنه الله: أنا لهذا الأمر، ثمّ انغمس في الدنيا فجالها حتّى انتهى إلى الحرم فوجد الحرم محفوظاً بالملائكة، فذهب ليدخل فصاحوا به فرجع ثمّ صار مثل الصرّ وهو العصفور فدخل من قبل حراء، فقال له جبرئيل: وراك لعنك الله؟
فقال له: حرف أسألك عنه يا جبرئيل، ما هذا الحدث الذي حدث منذ الليلة في الأرض؟
فقال له: ولد محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال له: هل لي فيه نصيب؟
قال: لا.
قال: ففي اُمّته؟
قال: نعم.
قال: رضيت»(42).
وفي حديث آخر: إنّ إبليس (لعنه الله تعالى) لمّا رأى ذلك وضع التراب على رأسه وجمع أولاده وقال لهم: يا أولادي اعلموا أنّني ما أصابني منذ خلقت مثل هذه المصيبة.
قالوا: وما هذه المصيبة؟
قال: اعلموا أنّه قد ولد في هذه الليلة مولود اسمه محمّد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يبطل عبادة الأوثان ويمنع السجود للأصنام ويدعو الناس إلى عبادة الرحمن.
فنثروا التراب على رؤوسهم، ودخل إبليس (لعنه الله تعالى) في البحر الرابع وقعد فيه للمصيبة هو وأولاده مكرهين أربعين يوماً(43).
الملائكة والحور تستبشر
وبعد أن ولد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وأطلّ بمحيّاه الشريف على الدنيا أخذته الحوريات ولففنه في منديل رومي ووضعنه بين يدي آمنة(عليها السلام) ورجعن إلى الجنّة يبشّرن الملائكة في السماوات بمولده (صلى الله عليه وآله وسلم).
ونزل جبرئيل وميكائيل(عليهما السلام) ودخلا البيت على صورة الآدميين وهما شابان، ومع جبرئيل طشت من ذهب، ومع ميكائيل إبريق من عقيق أحمر، فأخذ جبرئيل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وغسّله، وميكائيل يصبّ الماء عليه، فغسّلاه، وآمنة (عليها السلام) في زاوية البيت قاعدة.
فقال لها جبرئيل: يا آمنة لا نغسّله من النجاسة، فإنّه لم يكن نجساً ولكن غسّلناه من ظلمات بطنك.
فلمّا فرغوا من غسله وكحّلوا عينيه ونقّطوا جبينيه بزرقة كانت معهم مسك وعنبر وكافور مسحوق بعضه ببعض فذروه فوق رأسه(صلى الله عليه وآله وسلم).
قالت آمنة(عليها السلام): وسمعت كلاماً على الباب، فذهب جبرئيل إلى الباب فنظر ورجع إلى البيت وقال: ملائكة سبع سماوات يريدون السلام على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فاتّسع البيت ودخلوا عليه(44).
وفاة والد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)
بقي عبد الله (عليه السلام) بعد زواجه من السيّدة آمنة (عليها السلام) أربعين يوماً لا يخرج من داره، ثمّ خرج فنظر أهل مكّة إليه وإذا بالنور الذي كان يشرق في جبينه قد فارق موضعه.
ولمّا أتى على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)شهر واحد في بطن اُمّه نادت الجبال والأشجار والسماوات بعضها بعضاً مستبشرين قائلين: ألا إنّ محمّداً قد سقط في رحم اُمّه آمنة وقد مضى عليه شهر، ففرح بذلك الجبال والبحار والسماوات والأرضون.
آنذاك ورد على عبد المطّلب (عليه السلام) كتاب من يثرب يخبره بموت فاطمة بنت عبد المطّلب، وكان ممّا في طيّاته أنّها ورّثت مالاً كثيراً خطيراً، فاخرج أسرع ما تقدر عليه.
فقال عبد المطّلب لولده عبد الله: يا ولدي لابدّ لك أن ترافقني إلى المدينة، فسافر مع والده ودخلا مدينة يثرب فاستلم عبد المطّلب المال. ولمّا مضى من على دخولهما المدينة عشرة أيّام اعتلّ عبد الله علّة شديدة، وبقي خمسة عشر يوماً وفي اليوم السادس عشر مات عبد الله، فبكى عليه أبوه عبد المطّلب بكاءً مرّاً وشقّ سقف البيت لأجله في دار فاطمة بنت عبد المطّلب آنذاك، وبينما كان عبد المطّلب غارق في أحزانه إذا بهاتف يهتف ويقول: قد مات من كان في صلبه خاتم النبيين وأي نفر لا يموت، فقام عبد المطّلب فغسّله وكفّنه ودفنه في محلّة يقال لها (شين) وبنى على قبره قبّة عظيمة من جص وآجر(45).
وفي رواية: إن عبد الله خرج إلى الشام في عير(46) من عيرات قريش يحملون تجارات، ففرغوا من تجاراتهم ثمّ انصرفوا، فمرّوا بالمدينة وعبد الله بن عبدالمطّلب يومئذ مريض فقال: أتخلّف عند أخوالي بني عدي بن النجّار، فأقام عندهم مريضاً شهراً، ومضى أصحابه فقدموا مكّة، فسألهم عبد المطّلب عن عبد الله، فقالوا: خلّفناه عند أخواله بني عدي بن النجّار وهو مريض.
فبعث إليه عبد المطّلب أعظم ولده الحارث فوجده قد توفّي في دار النابغة فرجع إلى أبيه فأخبره، فوجد(47) عليه عبدالمطّلب وإخوته وأخواته وجداً شديداً ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يومئذ حمل ولعبد الله يوم توفّي خمس وعشرون سنة(48).
السيّدة آمنة (عليها السلام) تفجع بزوجها
عندما وصل خبر وفاة عبد الله إلى السيّدة آمنة (عليها السلام) بكت بكاءً مرّاً وحزنت عليه حزناً شديداً، ودعت بالنائحات ينحن عليه ويندبنه.
وقد جاءها بعد ذلك عبد المطّلب (عليه السلام) إلى دارها وطيّب خاطرها وهدّأ من روعها، ووهب لها ألف درهم بيض وتاجين قد اتّخذهما عبد مناف لبعض بناته وقال لها: يا آمنة لا تحزني فإنّك عندي جليلة لأجل من في بطنك ورحمك فلا تهتك أمرك(49).
وفاة السيدة آمنة (عليها السلام)
روي إنّه لمّا كبر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ردّته مرضعته السيّدة حليمة السعدية إلى اُمّه فافتطمته وأخذته إلى أخواله من بني عدي بن النجّار بالمدينة، ثمّ رجعت به حتّى بلغا «الأبواء»(50) فماتت بها (سلام الله عليها) فيتم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وكان عمره آنذاك ست سنين..
فرجعت به(صلى الله عليه وآله وسلم)اُمّ أيمن إلى مكّة المكرّمة وكانت تحضنه.
وورث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من والدته كل من: اُمّ أيمن وخمسة جمال أوداك(51) وقطيعة غنم، فلمّا تزوّج بخديجة (عليها السلام) أعتق اُمّ أيمن(52).
وروي أنّ السيّدة آمنة (عليها السلام) لمّا قدمت برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)المدينة نزلت به في دار النابغة وهو رجل من بني عدي بن النجّار، فأقامت بها شهراً، فكان رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يذكر له اُموراً كانت تدلّ على سمو مقامه ورفعة درجته عند الله تعالى.
منها: إنّه(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: نظرت إلى رجل من اليهود يختلف وينظر إليّ ثمّ ينصرف عنّي، فلقيني يوماً خالياً، فقال لي: يا غلام ما اسمك؟
قلت: أحمد. فنظر إلى ظهري فسمعته يقول: هذا نبي هذه الاُمّة، ثمّ راح إلى أخوالي فخبّرهم الخبر، فأخبروا اُمّي فخافت عليّ وخرجنا من المدينة(53).
من فضائل السيّدة آمنة (عليها السلام)
ممّا يؤسف له حقّاً أنّ سيرة اُمّهات المعصومين (عليهم السلام)وفضائلهم الرفيعة مجهولة في التاريخ عادة، وعند المسلمين أيضاً، ففي أهم المصادر التاريخية لا يكاد يجد الإنسان شيئاً إلا القليل عن تاريخ هؤلاء النسوة الأخيار، وكيف أنّهنّ كنّ يخدمن المعصومين (عليهم السلام)ويجهدن بكل ما لديهم من طاقة من أجل رعاية أبنائهنّ المعصومين (عليهم السلام)وإن كانت عناية السماء ترعاهم وتسدّدهم قبلهم.
ولكن القرائن الكثيرة هي التي تدل على عظيم مقامهن، فالسيّدة آمنة(عليها السلام) يمكن معرفة شيء من عظمتها وجلالتها عبر هذه القرائن وغيرها:
1: إنّها (عليها السلام) كانت في سلسلة الأرحام المطهّرة التي ورد ذكرها في الروايات الشريفة.
2: إنّها (عليها السلام) كانت زوجة لعبد الله(عليه السلام) والد النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)وهذا توفيق خاصّ لا تناله إلاّ من كانت لها حظّ عظيم.
3: إنّها (عليها السلام) حملت برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وكانت له وعاءً ضمّته تسعة أشهر.
4: إنّها (عليها السلام) أصبحت اُمّاً لسيّد الكونين ورسول العالمين محمّد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم).
5: إنّها (عليها السلام) كانت تكنف الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)وترعاه من كيد المناوئين طيلة أيّام حياتها.
6: إنها (عليها السلام) قد ترحّم عليها الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وزار قبرها وبكى عليها عند ذلك.
ففي التاريخ إنّه لمّا توفّيت آمنة رجعت اُمّ أيمن بالنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)إلى مكّة، ثمّ إنه لمّا مرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في عمرة الحديبية بالأبواء قال: إنّ الله قد أذن لي في زيارة قبر اُمّي فأتاه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فأصلحه وبكى عنده، وبكى المسلمون لبكاء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقيل له، فقال: أدركتني رحمة رحمتها فبكيت(54).
7: إنها (عليه السلام) يستحب الطواف عنها لقضاء الحوائج.
ففي الحديث المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) ما يدلّ بوضوح على أنّ للسيّدة آمنة(عليها السلام) مقاماً عظيماً عند الله وأنّها من صفوة أولياء الله الذين يتوسّل بهم لقضاء الحوائج.
فعن داود الرقّي قال: «دخلت على أبي عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ولي على رجل مال قد خفت تواه فشكوت إليه ذلك، فقال لي: إذا صرت بمكّة فطف عن عبد المطّلب طوافاً وصلّ ركعتين عنه، وطف عن أبي طالب طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن عبد الله طوافاً وصلّ عنه ركعتين، وطف عن آمنة طوافاً وصلّ عنها ركعتين، وطف عن فاطمة بنت أسد طوافاً وصلّ عنها ركعتين، ثمّ ادع أن يردّ عليك مالك، قال: ففعلت ذلك، ثمّ خرجت من باب الصفا وإذا غريمي واقف يقول: يا داود حبستني تعال اقبض مالك»(55).
دفع شبهة
ممّا يؤسف له أنّ البعض من الناس يذهب إلى أنّ السيّدة آمنة بنت وهب(عليها السلام) والدة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لم تكن مؤمنة، ويزعمون أنها قد ماتت على ذلك، ولولا أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)استشفع لها واستوهبها من الله فوهبها له، لكانت من المخلّدين في الجحيم!.
ولم يقتصر هؤلاء على ذلك وإنّما أخذوا يفسرون بعض الروايات كما يشاؤون ويستدلون بتفسيرهم على ذلك.
منها: قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّي مستوهب من ربّي أربعة، وهو واهبهم لي إن شاء الله تعالى: آمنة بنت وهب، وعبد الله بن عبد المطّلب وأبو طالب بن عبد المطّلب، ورجل من الأنصار جرت بيني وبينه ملحة»(56).
ولكن في المقابل ينبغي الالتفات إلى الاُمور التالية:
أولا: رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بنفسه يصرّح في أكثر من حديث أنّه كان يتنقّل من الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهّرة، وهذا ينافي الشرك الذي هو دنس ورجس، ففي الحديث الشريف عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): «لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات»(57).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إنّ الله أخرجني ورجلاً معي من طُهر إلى طُهر، من صلب آدم حتّى خرجنا من صلب أبينا، فسبقته بفضل هذه على هذه وضمّ بين السبّابة والوسطى وهو النبوّة»(58).
فقيل له: ومن هو يا رسول الله؟
قال: «علي بن أبي طالب»(59).
فكيف يصف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)الرحم الذي كان فيه بالطهر والحال أنّ الآية الكريمة تصرّح بنجاسة المشركين فتقول: (إنّما المشركون نجس((60)، فيعلم من هذا أن آمنة (عليها السلام) كانت مؤمنة بالله عزوجل وموحدة لرب العالمين على دين إبراهيم (عليه السلام).
ثانياً: نفس الحديث الذي استدلّوا به يدلّ على إيمان السيّدة آمنة(عليها السلام)، إذ أنّه كيف يستوهب الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)لمشرك وإن كانت اُمّه، والحال إنّ الله قد نهى عن موادّتهم والشفاعة أو الدعاء لهم.
ثالثاً: ممّا يؤيّد القول بإيمان السيّدة آمنة (عليها السلام) هي الروايات الصريحة التي تنصّ على أنّ الله قد حرّم النار على بطن حمل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «نزل جبرئيل على النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام ويقول: إنّي قد حرّمت النار على صلب أنزلك، وبطن حملك، وحجر كفلك، فالصلب الذي أنزلك فعبد الله بن عبد المطّلب، والبطن الذي حملك فآمنة بنت وهب، وأمّا الحجر الذي كفلك فحجر أبي طالب»(61).
وعن أنس بن مالك قال: أتى أبوذرّ يوماً إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: ما رأيت كما رأيت البارحة.
قالوا: وما رأيت البارحة؟
قال: رأيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ببابه، فخرج ليلاً فأخذ بيد علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد خرجا إلى البقيع، فما زلت أقفو أثرهما إلى أن أتيا مقابر مكّة، فعدل إلى قبر أبيه فصلّى عنده ركعتين، فإذا بالقبر قد انشقّ وإذا بعبد الله جالس وهو يقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّ محمّداً عبده ورسوله.
فقال له: مَن وليّك يا أبة؟
فقال: وما الولي يا بنيّ؟
قال: هو هذا علي.
قال: وإنّ علياً ولييّ.
قال: فارجع إلى روضتك.
ثمّ عدل إلى قبر اُمّه، فصنع كما صنع عند قبر أبيه، فإذا بالقبر قد انشقّ، فإذا هي تقول: أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأنّك نبي الله ورسوله.
فقال لها: مَن وليّك يا اُمّاه؟
فقالت: ومَن الولي يا بني؟
فقال: هو هذا علي بن أبي طالب.
فقالت: إنّ علياً وليّي.
فقال: ارجعي إلى حفرتك وروضتك.
فكذّبوه، ولبّبوه(62)، وقالوا: يا رسول الله كذب عليك اليوم.
فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): وما كان من ذلك؟
قالوا: إنّ جندب حكى عنك كيت وكيت.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»(63).
وهذا يؤيّد بوضوح أنّها (عليها السلام) كانت مؤمنة، وقد كمل إيمانها بالإقرار بولاية علي أمير المؤمنين (عليه السلام)، فإنّ الله تعالى أوجب النار على المشركين والكفّار كما دلّت عليه الآيات والأخيار.
رابعاً: زيارة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)لقبرها وترحّمه عليها يدلّ أيضاً على أنّها كانت مؤمنة بالله عزّوجلّ، ففي الحديث عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أنّه قال: «استأذنت ربّي في زيارة اُمّي، فأذن لي، فزوروا القبور تذكّركم الموت»(64).
وهذا وغيره أيضاً يدل على استحباب زيارة القبور، على تفصيل مذكور في محله.
بناء الأضرحة والقباب
قبر السيدة آمنة بنت وهب (عليها السلام) في منطقة الأبواء، وهي قرية بين مكّة والمدينة، وقد ولد الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) بها.
ومن اللازم أن يسعى المؤمنون والمسلمون كافة لبناء ضريح السيدة آمنة(عليها السلام) والدة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فإن ترك القبر هكذا لا يليق بشأنها العظيم وشأن ولدها الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد زار رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قبر أمه، وأمر بزيارتها.
قال تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً} (65).
(1) علل الشرائع: ج1 ص208 ب156 ح11.
(2) زجّ: رمي به، لسان العرب مادّة زجج.
(3) إرشاد القلوب: ج2 ص415.
(4) بحار الأنوار: ج97 ص187 ب3 زيارته (صلى الله عليه وآله وسلم) من البعيد.
(5) بحار الأنوار: ج98 ص200 ب18 زيارته صلوات الله عليه.
(6) المراد بالزهرية: آمنة (عليها السلام)، أي إنها لم تسلب ثوبيك فقط حين قاربتها وإنما سلبت منك شيئاً عظيما وهو نور النبوة التي كان في صلبك.
(7) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص26.
(8) بحار الأنوار: ج15 ص90.
(9) مسيل فيه دقاق الحصى، والجمع الأباطح والبطاح، معجم البلدان: ج1 ص444.
(10) الخرائج والجرائح: ج1 ص129.
(11) راجع بحار الأنوار: ج15 ص97.
(12) بحار الأنوار: ج15 ص281.
(13) راجع بحار الأنوار: ج15 ص281.
(14) راجع بحار الأنوار ج15 ص97.
(15) زرقاء اليمامة بنت مرهل كاهنة اليمامة وداهية الدهياء.
(16) الذؤابة: المضفورة من شعر، كتاب (العين) مادة ذأب .
(17) بحار الأنوار ج15 ص322.
(18) كمال الدين: ج1 ص175 ح33.
(19) الصومعة: منار الراهب، (لسان العرب) مادّة صمع.
(20) بحار الأنوار: ج15 ص284.
(21) الكافي ج8 ص302 ح460.
(22) السعفات جمع سعفة بالتحريك: جريدة النخل ما دامت بالخوص. (مجمع البحرين) مادّة سعف.
(23) هَجَر: بلدة باليمن واسم لجميع أرض البحرين وقرية كانت قرب المدينة، كتاب (العين) مادّة هجر.
(24) روضة الواعظين: ج1 ص81.
(25) النافجة المسك: سمّيت بذلك لنفاستها، (مجمع البحرين) مادّة نفج.
(26) القطا: طائر معروف سمّي بذلك لثقل مشيه، (لسان العرب) مادّة قطو.
(27) بحار الأنوار ج15 ص272.
(28) الكافي: ج1 ص454 باب مولد أمير المؤمنين(عليه السلام) ح3.
(29) بحار الأنوار: ج15 ص287.
(30) انظر أيضاً: وسائل الشيعة: ج10 ص456 ح13835، وبحار الأنوار: ج15 ص248 ح1.
(31) الصر: عصفور أو طائر، (مجمع البحرين) مادّة صرر.
(32) بحار الأنوار ج15 ص269.
(33) الشرفة: ما يوضع على أعالي القصور والمدن، انظر (لسان العرب) مادّة (شرف).
(34) الموبذان للمجوس: كقاضي القضاة للمسلمين، انظر (لسان العرب) مادّة (موبذ).
(35) الأمالي للصدوق: ص285 المجلس الثامن والأربعون ح1.
(36) الجلبة: الأصوات، لسان العرب مادّة جلب.
(37) كمال الدين: ج1 ص175 ح33.
(38) أي تزيّنت. انظر لسان العرب: مادّة (نجد).
(39) أي شُدّ، (لسان العرب) مادّة (زمم).
(40) أي القيد الضخم، (لسان العرب) مادّة (كبل).
(41) الأمالي للصدوق: ص601 المجلس الثامن والثمانون ح1.
(42) الأمالي للصدوق: ص286 المجلس الثامن والأربعون ح1.
(43) الفضائل: ص18.
(44) الفضائل: ص19.
(45) راجع بحار الأنوار: ج15 ص283.
(46) العير: القافلة، (لسان العرب) مادّة عير.
(47) الوجد: الحزن، كتاب (العين) مادّة وجد.
(48) بحار الأنوار: ج15 ص125.
(49) راجع الفضائل: ص14.
(50) الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة، بينها وبين الجحفة ممّا يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً، معجم البلدان: ج1 ص79.
(51) أي السمينة (لسان العرب) مادة ودك.
(52) بحار الأنوار: ج15 ص116 ح61.
(53) العدد القوية: ص126.
(54) بحار الأنوار ج15 ص162.
(55) الكافي ج4 ص544 باب النوادر ح21.
(56) قرب الإسناد: ص27.
(57) القصص للجزائري: ص108.
(58) الأمالي للطوسي: ص340 المجلس الثاني عشر .
(59) الأمالي للطوسي: ص340 المجلس الثاني عشر.
(60) سورة التوبة: 28.
(61) الكافي: ج1 ص446 باب مولد النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ووفاته ح21.
(62) لبّبوه: أخذوا بتلابيبه، (مجمع البحرين) مادّة: لبب.
(63) علل الشرائع: ج1 ص176 ح1.
(64) كشف الغمّة ج1 ص16.
(65) سورة الأحزاب: 21.